درس النفيسي

المحامي خالد حسين الشطي
هل هي مرحلة جديدة في الخطاب، وانتقال نوعي في طبيعة الأداء السياسي للتيار السلفي؟ تتخلى فيه عن «التقية» وتقحم الميدان حاسرة الوجه، كاشفة الرأس، بل مكشوفة العورة!
أن يجاهر ضيفها المحاضر ويعلن بملء فمه بإسقاط النظام وانحلال الدولة وإلحاق الكويت بالسعودية؟ وسط ترحيب الحضور وتهليله، واحتضان جماهيري ما عرفه الأستاذ المحاضر يوماً، إذ طالما كان صوت النخبة لا الشارع.
بعد غياب دام أربع سنوات، سبقتها أضعافها من الغيبوبة الفكرية، ظهر الدكتور عبدالله النفيسي في ندوة التيار السلفي ليلقي درساً على مستمعيه ويقدم لهم تحليلاً يدغدغ به عواطفهم ويضرب على أوتار تتناغم مع معزوفة رغباتهم. وكاستطراد ودفع ومدخل، فإن الدكتور النفيسي هذا، ليس عبدالله النفيسي ممثل آل سعود في الكويت عام 1901، الذي خلفه ابنه الأكبر عبدالعزيز الذي توفي عام 1955 ، ليحل محله ابنه فهد، حتى عام 1961 حين وصل جميل الحجيلان وقدم أوراق اعتماده كأول سفير للمملكة العربية السعودية في الكويت .
ظهر الدكتور عبدالله النفيسي مساء السبت 8 مايو 2010، ليدعو علانية، لإلحاق الكويت بالسعودية! وذلك في سياق تحليل غريب من أضراب تلك التحاليل المهترئة التي كان يستعرض بها في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، حين كان يقرأ كتاباً أجنبياً يستل منه معلومة، يلحق بها مصطلحاً بالانجليزية، يفذلكها بجرأة ( ها قد ظهَر ظهْره وبان مَن يقف وراءه ومن أين كان يستمد شجاعته! (ثم يطرحها كقراءة ونظرية، تتلقفها ساحة مبهورة، صنعت منه نجماً ...
ومع ارتفاع منسوب الثقافة العامة والانفتاح الإعلامي وطفرة الاتصالات ووفرة القراءات والمطالعات في الكتب والصحف الأجنبية، وسهولة البحث وفضائل غوغل، انكفأ الرجل واختبأ، وآثر - حفظاً على تاريخه - أن يتوارى ويعتزل، فقد زهدت فيه حتى قناة الجزيرة وهي ترى تخلف مستواه وعجزه عن مواكبة الواقع الجديد الذي ما زال يفرز ويطلب الجديد، وهو غارق في تحليلاته الصدئة ومثلثاته الجامدة.
والحق أنني في حيرة من أمري: هل هي خطوة تحرق المراحل، وعملية انتحارية قدَّروا ضرورتها القصوى كمدخل لطور جديد يعدُّون له، أم هي مجرد نزوة ونزعة لجنون العظمة ومركَّب العقد الذي يسكن الرجل منذ كان يعلق على نفسه اللوحات الإعلانية «على الطريقة الأميركية» اعتراضاً على عدم تنظيف حمامات الجامعة، ومروراً بسعيه لاجتياز الحدود دون جواز سفر، كون بلاد المسلمين واحدة وجوازات السفر بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، وهو لا يريد دخول النار، وانتهاءً اليوم بدعوته لإنهاء وجود الكويت وإلحاقها بالشقيقة الكبرى؟!
والمأساة أن يرتكز تحليل الدكتور على أصل فاسد وقاعدة باطلة ومغالطة قوامها أن الخارطة القادمة للمنطقة ترسم اضمحلال الدول الصغرى والإبقاء على الكبرى، مستنداً على ورقة من ثمانية وعشرين، «تجاهلها كلها ولم يذكر عنها شيئاً ولا حتى أشار»، وكلها تقول وتصرح بالعكس!
وأن القادم يرتكز على تفتيت الدول الكبرى وتجزئ المنطقة وتقسيمها إلى المزيد من الدول والكيانات الصغيرة المنطوية على نفسها والمنشغلة بشأنها، وإن لم تكن أية دراسات منشورة وتحليلات مسرَّبة تحكي هذه الحقيقة، فهذا ما يحكم به العقل والمنطق، وهو الأصل الذي يسهل السيطرة على منابع النفط ويحكم بسط السلطة والنفوذ على مناطقه.
أن يدور الأمر في بعضهم في نطاق المطامح والآمال، والأماني والأحلام، ليكون من خصومهم ومخالفيهم ظنة فيهم وتهمة، وهواجس قلق ... فهذا كله شيء، وأن ينتقل إلى الإعلان والمجاهرة، شيء آخر تماماً يتطلب وقفة تطول.
نحن مع مجلس التعاون، ومع تطوير أدائه وتوسيع منظومته توسعاً يخدم المواطنين ويسهل حركتهم وتجارتهم والعلاقات الاجتماعية بينهم، فهي حالة طبيعية وأمر لا يشعر فيه أحد بالغبن ... ولكن دون أن تمس سيادة الدولة والكيان الاجتماعي لأي بلد قيد شعرة، ناهيك بنظام الحكم وكيان الدولة.
أتصور أن شريحة عريضة من الشارع الكويتي سجلت ندوة السلف ومحاضرة النفيسي دليلاً جازماً وبرهاناً ساطعاً على صحة هواجسها ومخاوفها من شريحة أخرى، وما كان - حتى الأمس - مجرد تهمة يرمى بها الطرف الآخر رجماً بالغيب وحملاً على السوء، فيعد من القذف والافتراء، صار اليوم حقيقة مرَّة معترف بها، وواقعا أليما لا ينكر.
مئة سؤال وسؤال:
إلى نواب الأمة : هل الخصخصة بيع للكويت أم هذه الندوة هي – حقّاً – بيع للكويت؟ وهل ما تم طرحه فيها لا يستحق منكم الاعتراض والاعتصام في ساحة الإرادة ورفع شعارات ويافطات «لا لبيع الكويت»؟
الدار 16-5-2010
اللهم صلى على محمد وآل محمد
ردحذفتوه مانور البلوغر
بييييييه
ردحذفما بغيت تنزل بوست !!!!
افتقدنا كتاباتك !
من زمان و هالشي براسهم و ينادون فيه بس الفرق ان ألحين صار علانية
مشكور وواصل كتابتك ولا تقطع :)
العزيز رهبري
ردحذفشاكر لك مرورك العطر
و البلوغر منور بوجودكم :)
أخي العزيز يـ . المطوع
ردحذفمرورك أسعدني و على راسي يا خووي ما نقطع مره ثانية :)
تحياتي